*الفاشر على عتبة الكارثة: جرائم بالجملة* عرب مي علي الأربعاء 22 أيار 2024 الخرطوم | مع إطالة أمد الحرب وانسداد الأفق أمام

عاجل

الفئة

shadow
*الفاشر على عتبة الكارثة: جرائم بالجملة*

عرب مي علي الأربعاء 22 أيار 2024

الخرطوم | مع إطالة أمد الحرب وانسداد الأفق أمام أي حلول عسكرية أو سلمية، يفقد العشرات من السودانيين أرواحهم بصورة يومية، ولا سيما المدنيين العالقين في المناطق الواقعة على خط المواجهة بين الجيش وقوات «الدعم السريع». إذ تشهد العديد من المناطق في ولايات الخرطوم ودارفور، بالإضافة إلى ولاية الجزيرة، مواجهات دامية بين الطرفين، فيما لا يزال المواطنون العُزّل في قرى الولاية الأخيرة يواجهون أبشع أنواع الانتهاكات التي تمارسها «الدعم السريع» من قتل وتهجير قسري واستيلاء على مخزون الأسر من الطعام، فضلاً عن إذلال الشيوخ وضربهم بالسياط التي لم يسلم منها حتى الأطفال والنساء.وفيما تسعى القوات المتحاربة إلى بسط سيطرتها على مصفاة الجيلي شمال الخرطوم، ومدينة الفاشر شمال إقليم دارفور، يُعد حسم السيطرة عليهما لصالح أي جانب، بحسب محلّلين، تغييراً كبيراً في مسار الحرب، علماً أن الجيش السوداني يفرض، منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، حصاراً على مصفاة البترول والمناطق الجبلية المحيطة بها، بالإضافة إلى مصنع التصنيع الحربي شرق المصفاة، حيث أكبر تواجد لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم. وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، عادل عبد الرحيم، في حديث إلى «الأخبار»، إن سيطرة الجيش على مصفاة الجيلي «تعني السيطرة على مدينة بحري شمال الخرطوم بأكملها، كما تعني تأمين مدينة أم درمان وما تحوي من مناطق عسكرية هامة في منطقة كرري ووادي سيدنا وسلاح المهندسين، فضلاً عن أنها تُفقد "الدعم السريع" خطط إمداد الوقود الرئيس لها». ويفيد الخبير الاستراتيجي، اللواء المتقاعد أسامة محمد أحمد، «الأخبار»، بدوره، بأنه «توجد في محيط المصفاة قوة كبيرة من "الدعم السريع"»، فيما «لا يستبعد تواجد عناصر تنتمي إلى دول أخرى تقاتل إلى جانب "الدعم" تحتمي بالمصفاة»، مشيراً إلى أن «"الدعم" تسعى إلى كسر الحصار عليها، في وقت تخشى فيه قيادتها من الكشف عن ما يؤكد ضلوع عدد من الدول الداعمة لها في تأجيج الحرب».
أما مدينة الفاشر، حاضرة إقليم شمال دارفور، فتشهد معارك طاحنة بين الجيش وقوات مشتركة من الحركات المسلحة التي تدعمه من جهة، و«الدعم السريع» من جهة أخرى. وكانت عمدت الأخيرة، طيلة الأشهر الماضية، إلى تجميع قواته من كل أنحاء الإقليم، ومن ثم القيام بشن العديد من الهجمات المتتالية على المدينة، والتي استهدفت بشكل خاص، الجهتين الشمالية والشمالية الشرقية، إلا أن الجيش وحلفاءه استطاعوا، حتى الآن، التصدي لتلك الهجمات. وأدّت المعارك الطاحنة هناك إلى نزوح المئات من المواطنين إلى المناطق البعيدة عن مسرح الاقتتال في الجهة الغربية من الإقليم، ومقتل حوالي 40 وإصابة 500 من المدنيين خلال عشرة أيام فقط، ومقتل 345 وإصابة 2626 منذ بدء الحرب، وفقاً لإحصائيات رسمية، فيما تشهد الفاشر أوضاعاً إنسانية معقّدة، وسط نقص حاد في المواد الغذائية والأدوية الطبية، واكتظاظ في المستشفيات العاملة.
تعمل «الدعم السريع» على قصف الأحياء السكنية شمال المدينة وغربها، بالمدفعية الثقيلة وبصورة عشوائية

وتُعتبر سيطرة «الدعم السريع» على الفاشر ذات بعد استراتيجي، نظراً إلى أن ضمّها إلى باقي مدن الإقليم التي تقع تحت سيطرة «الدعم»، يعني ضمان وصول الإمداد البشري واللوجيستي إليها من غرب أفريقيا عبر تشاد وليبيا. وفي هذا الجانب، يقول اللواء أسامة محمد أحمد، إن «سقوط شمال دارفور يمكّن "الدعم السريع" من بسط السيطرة على كل إقليم دارفور وفرض حكومة مستقلة، من خلال التفاوض مع الحكومة المركزية على إقليم كامل»، مضيفاً أنه «متى ما سقطت الفاشر، فإن "الدعم" سترتكب إبادة جماعية في حق جميع القبائل التي تنتمي إليها الحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش، مثلما فعلت مع قبيلة المساليت في بداية الحرب».
ووفقاً لشهود عيان، تعمل «الدعم السريع» على قصف الأحياء السكنية شمال المدينة وغربها، بالمدفعية الثقيلة وبصورة عشوائية، حيث قصفت، أول من أمس، عدداً من الأحياء والسوق الكبير، مخلّفة عدداً من القتلى والجرحى. ويرى مراقبون أن «الدعم السريع» تهدف بذلك إلى إخلاء الفاشر من السكان، خاصة بعد أن استمات هؤلاء في الدفاع عن مدينتهم ورفضوا مغادرتها عبر «الممرات الآمنة» التي التزمت بفتحها «الدعم السريع»، في وقت سابق. وفي هذا الجانب، ظهرت أصوات عديدة تطالب سكان الفاشر بمغادرتها خوفاً على حياتهم، وهو الأمر الذي رفضه حاكم الإقليم، مني أركو مناوي، معتبراً أن نداءات بعض السياسيين لخروج المواطنين بمثابة «تواطؤ». وقال الحاكم، عبر حسابه على منصة «إكس»: «أتابع بدهشة تصريحات بعض الساسة الذين يطالبون مواطني الفاشر بالخروج من منازلهم، بدلاً من مطالبة الدعم السريع بالتخلي عن القصف المتعمّد على مواقع المدنيين».
في هذا الوقت، فشلت الحكومة و«الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال»، بقيادة عبد العزيز الحلو، في التوصّل إلى اتفاق حول إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة «الحركة الشعبية» في ولاية جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال وزير الدفاع السوداني، الذي يرأس وفد الجيش المفاوض، الفريق الركن ياسين إبراهيم، إن «الحركة أصرّت على إقحام "الدعم السريع" في عملية التفاوض، ما يبرهن على تماهيها مع الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيا الإرهابية في حق الشعب السوداني»، معرباً، في تصريحات صحافية عقب عودته من جوبا، عن «أسف» الحكومة «لنكوص الحركة وموقفها المتعنّت ورفضها التوقيع على اتفاق المساعدات الإنسانية للمواطنين المتأثرين بالحرب في المنطقتين»، وذلك نظراً إلى أن «الشعبية» طالبت بتوصيل الإغاثة إلى المناطق التي تسيطر عليها «الدعم». والجدير ذكره، هنا، أن «الحركة الشعبية» سعت مع بداية الحرب، وأثناء انشغال الجيش بمعاركه ضد «الدعم السريع»، إلى توسيع مناطق سيطرتها في ولاية جنوب كردفان وقامت بهجمات عديدة ضد الجيش، كما حاولت الاستيلاء على عاصمة الولاية كادقلي.

الناشر

هدى الجمال
هدى الجمال

shadow

أخبار ذات صلة